ممارسات الألعاب التقليدية..يطالبن بالإشراك في العصر الجديد!
يمارس عدد معتبر من الموريتانيين الألعاب التقليدية مثل “ظامتْ” و “السيكْ” و “اكْرُورْ”، ومع أن القواعد العامة لهذه الألعاب معروفة لدى المختصين إلا أن لكل ولاية موريتانية طقوسها الخاصة التي تتمثل في جزئيات بسيطة تعكس التباين الحضاري بين المناطق الموريتانية التي قامت على أنقاض ممالك إفريقية عريقة، من هذه الألعاب ما اختص الرجال بممارسته كلعبة “ظامتْ” التي لا تعدو كونها لعبة شطرنج مع اختلافات طفيفة، ومنها ما اختصت النسوة بممارسته كلعبة “السِّيكْ”، لكن التحدي الحقيقي الذي يقف في وجه النسوة الممارسات لهذه اللعبة هو الموائمة بين الشغف والدخل اليومي، إذ أنهن لا يستفدن غالبا إلا في مواسم المهرجانات الثقافية ذات الطابع التاريخي، وهو ما حدى بهن إلى تشكيل تعاونيات تجمعهنّ يوصلن من خلالها رسائلهن المتمثلة أساسا في الدعم والتأطير.
تقول ميمونة منت السالك وهي لاعبة للسِّيكْ شاركت مؤخرا في الأسبوع الوطني للقافة الذي تم تنظيمه على مستوى كل ولاية : مع أن دخلنا محدود جدا، إلا أننا مصرات على ممارسة هذه الألعاب التي توارثناها عن أجدادنا، لكن ما يشعرنا بالإحباط داوما هو النظرة الدونية التي ينظر لنا بها المجتمع وخصوصا الطبقة الجديدة التي ترعرت في العواصم والتي تظن بأن ممارسة هذه الألعاب خطوة إلى الوراء ويعللون ذلك بأننا غير متعلمات ومجرد نسوة لديهن فائض من الوقت، في حين أنهم يهتمون بألعاب أخرى وافدة على المجتمع..وتضيف : لقد استفدنا مؤخرا من تنظيم مهرجانات ثقافية غالبيتها تهتم بهذه الألعاب، لكن هذه الاستفادة ما تزال موسمية ونطالب من هذا المنبر بإشراكنا في العمل الثقافي للبلد ودعمنا دعما مستمرا و إدراج أنشطتنا ضمن البرنامج السنوي لوزارة الثقافة، فالتقاليد ليست كلها رجعية وخصوصا في شقها المتمثل في التعريف بتاريخ البلد وهو ما نحاول إبرازه.
المفارقة التي يمكن استدعائها في هذا الإطار هي هل تعتبر هذه الألعاب التقليدية ألعابا رياضية أم أنشطة فنية ثقافية، ذلك أن أغلب النسوة يعتبرن أنهن يمارسن نشاطا تقليديا يدخل في إطار المحافظة على الموروث الموريتاني ويعللن ذلك بأنهن يستقطبن سنويا مئات السياح الوافدين لمدينة أطار، ويحتفظن في هواتفهن بالكثير من الصور التي توثق اهتمام الوافدين بهذه الألعاب..
يقول المفتش في وزارة الثقاقة مولاي ولد اشريف :
إن هذه الألعاب التقليدية مهمة جدا، وتنقل موروثنا الحضاري وتحافظ عليه، ولاشك أن هؤلاء لهم دور مهم في إبراز الوجه التاريخي للبلد، خصوصا أن بعض هذه الألعاب مأخوذ ومتوارث من حضارات ضاربة في القدم..ويضيف : لا يخفى على أي شخص أن دور هذه الألعاب هو ترفيهي في المقام الأول إضافة إلى جانب أنها تمثل إرثا وطنيا، ونحن في وزارة الثقافة نحاول دائما تحسين ظروف القائمين على هذه الأنشطة حيث يقام سنويا مهرجانا للمدن القديمة يتم فيه إشراك هذه الفئات وتأطيرها، إضافة إلى المهرجان الوطني للثقافة والشباب والرياضة الذي اختتمت فعالياته منذ أيام والذي حاولنا من خلاله تقليص سن المشاركة رغبة منا في جذب اهتمام مواهب شابة في هذا المجال.
تمثل الرقعة الجغرافية الصغيرة التي تُرمى عليها الأعواد من قبل الممارسات للعبة “السِّيكْ”حلبةً رمليةً للصراع بين القديم والجديد، إذ أن الشابات المنتميات للعصر الجديد كلما مررن عليهنّ وهنّ يلعبن بخشوع تحت الخيام، تسائلن ازدراءً عن الفائدة من هذه الألعاب التقليدية والمردودية المرجوة منها.
يقول الشيخ الولي جوب رئيس جمعية “ضع بصمتك” الثقافية: كل دولة لها جنودها الثقافيون ومن أشجع هؤلاء الجنود ممارسو الألعاب التقليدية في ظل هذه العولمة الكونية، ونحن في جمعية ضع بصمتك الثقافية ليس لدينا منتسبون مختصون بهذه الألعاب لكننا نحاول دائما إبراز أهميتها في “الإسكتشات المسرحية” التي نقيم محاولة منا في الموائمة بين الجديد والقديم وإبراز التفاوت الثقافي بين الأجيال، أعتقد أن هؤلاء يحتاجون إلى الكثير من الدعم المادي والمعنوي لكي ترقى ألعابهم التي يمارسون إلى ألعابٍ رياضية أو أنشطة فنية بإمكاننا الاستفادة منها في حذب السياح، ولكي يكون هنالك دخل شهري لهم، فأغلب ممارسي هذه الألعاب يعانون على كافة الأصعدة وبالكاد لديهم ما يقتاتون عليه..ويضيف: مع أن جمعيتنا تدخل في إطار العمل المدني إلا أننا نحاول دائما أن نبرز الوجه التاريخي للبلد من خلال جلسات للألعاب التقليدية غالبا نضمنها في “الاسكتشات الثقافية التي نعدها”، فبالكاد تجد مسرحية موريتانية لا تعتمد على خلفية موسيقة لديمي أو سدوم، هذا الاهتمام بالموروث يجب أن يشمل أيضا ممارسي الألعاب التقليدية ذلك أنهم جزء من مرحلة تاريخية مهمة.
اخليهن بوبكر
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا .