كوفيد والهواء الملوث، قصة معاناة قرية تفريت مع مكب النفايات /حنان أحمد الولي
تزداد مخاطر الإصابة بكوفيد-19 في الأماكن الملوثة التي تفتقر إلى التهوية الجيدة والتي يقضي فيها الأشخاص المصابون فترات طويلة من الوقت معاً على مقربة من بعضهم البعض. وهذه البيئات هي التي يبدو أن الفيروس ينتشر فيها عن طريق قُطيرات الجهاز التنفسي أو الهباء الجوي، لذا تزداد فيها أهمية اتخاذ الاحتياطات، ونظراً لاهمية البيئية في الوقاية من فيروس كوفيد-١٩، كان من المهم والمبشر اضافة حق البيئة النظيفة الى حقوق الانسان من طرف الامم المتحدة في يوم 28/07/2022 لتصبح حقا طبيعياً من حقوق البشر لدى كل انسان الحق في المطالبة به.
حيث اثبتت دراسات اجريت من قبل الامم المتحدة ان أكثر من 7 ملايين شخص يموتون سنويا بسبب تلوث الهواء المحيط بهم سواء صدر عن دخان المصانع او المياه العادمة التي تنتج من المطابخ والحمامات الغازات الناجمة عن حرق النفايات او المبيدات الحشرية التي تستخدم في الزراعة او حتى دخان السجائر، حيث جاء في الدراسة ان التلوث تسبب بالوفاة المبكرة لسبعة ملايين شخص في العالم سنة 2019، محذرة من أن الوضع خطير، وان نوعية الهواء المتردية والملوثات الكيميائية وخصوصا مادة الرصاص اصبحت منتشرة خاصة في دول افريقيا، ورغم أن التلوث والنفايات لا يؤديان مباشرة إلى الوفاة، لكنهما يسببان أمراض قلبية خطيرة إلى جانب إصابات بالسرطان ومشكلات تنفسية أو إسهال حاد.
صادفنا نموذجا من هذه الحالات وهو المريض “الحسن صمبه” المحجوز في المستشفى الوطني لامراض القلب منذ ما يزيد على الشهر، في البداية كان سبب حجزه هو اصابته بفيروس كوفيد-١٩ ولكن بعد ان تخلص من الفيروس شُخص بالتهاب رئوي حاد ادّى الى ضعف عضلة القلب، يلازم صمبه جهازا تنفسيا لا يستطيع الحديث من خلاله لذلك حدثتنا اخته “خدجة” التي ترافقه عن سبب مرضه فاخبرتنا مايلي:
نحن نسكن قرية “تيفيريت” الواقعة 25 كلم شرق العاصمة، وقد كانت قرية مريحة ذات هواء عليل تعد متنفسًا لسكان العاصمة فترة الصيف وكان سكانها ينعمون بجو هادىء صحي، لكن منذ حولت السلطات محيط البلدة إلى مكب لنفايات العاصمة عام 2007 تغير الحال كثيراً.
اصبحت نسبة معتبرة من سكان البلدة تعاني من مشاكل صحية تتعلق بالجهاز التنفسي وتفاقمت الاعراض لمن كان في الاصل مصابا بامراض مزمنة كالربو وحساسية. كان كاخي بصحة جيدة يعمل بناءً في القرية يعيل اسرته ويعيننا انا وامه بما يستطيع، لكن منذ عامين تولى تشييد منزل ليس بالبعيد من المكب واصبح يشكو من روائح حرق النفايات وانها تعيق عمله، لم يكد ينتهي من عمله في المنزل حتى لازمته حساسية صدر قوية اصبح يسعل طول الوقت ويأخذ المسكنات دون فائدة وقد نصحته بالذهاب للعاصمة للعلاج لكنه كان يجيبني بانه مادام يستطيع العمل فهو بخير. في العام الماضي اصيب بحمى قوية فقد على اثرها الوعي فنقلناه الى العاصمة حيث اخبرونا انه مصاب بفيروس كوفيد-١٩ وقامو باحتجازه لمدة اسبوعين كاد يفقد حياته اثنائها.خرج ولله الحمد بعد تلك المحنة لكنه لم يعد بقوته التي عهدناه بها، اخبرنا الطبيب المتابع ان حساسية الصدر أضعفت رئتيه وجعلته فريسة سهلة للفيروس ليقوم بما تبقى. والآن كما ترون تضرر قلبه ايضا واصبح طريح الفراش يلازم المستشفى.
تحدثنا في الموضوع مع استاذ علم الاوبئة حبيب الله الخميني الذي اكّد انه توجد دراسة مهمة أجراها فريق بحثي في معهد برشلونة للصحة العالمية تحذر من أن التعرُّض طويلًا لتلوث الهواء يرتبط بتفاقُم المضاعفات لدى المصابين بـ”كوفيد19″. حيث يؤكد مؤلف الدراسة أن النتائج تقدم دليلًا على أن تلوُّث الهواء يمكن أن يُسهم في تفاقُم حالات أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي أو غيرها من الحالات المزمنة، والتي بدورها تؤدي إلى تفاقُم خطر مضاعفات الإصابة بـ”كوفيد-19″ فالدراسة تستند الى مقارنة الأشخاص المعرَّضين لمستويات مرتفعة من تلوث الهواء، ونظرائهم من المعرَّضين لمستويات تلوُّث منخفضة، ومدى إصابتهم بـ”كوفيد-19″، وخاصةً الحالات المصابة بأعراض شديدة نتيجة العدوى. كما يؤكد الاستاذ حبيب الله أن هناك أدلة علمية وافية على الفوائد الصحية التي يمكن تحقيقها نتيجة الحد من تلوُّث الهواء وفي المقابل المضاعفات الصحية السيئة التي قد يتسبب بها التواجد في بيئة ملوثة.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.