محلات الهدايا .. مهنة تستقطب نساء موريتانيـا / أموه أحمدنـاه

“لقد كانت فترة استثنائية بكل المقاييس” بهذه الجملة تستأنف ريم ناصر الدين التي اتخذت من صناعة الهدايا وتزيين السيارات للمناسبات الاجتماعية مهنة حديثها عن كوفيد 19 مضيفة:
“من أبرز التحديات التي واجهتنا حظر التجول الذي كان الرابعة مساء،حيث جعلنا في سباق دائم مع عقارب الساعة،بالإضافة للإجراءات الاحترازية التي جعلت الجميع في وجل وحذر دائمين،فالكل يخاف مخالطة الآخرين أو لمس شيء قد لمسوه،ومع ذلك فالعمل عرف انتعاشا وإقبالا رغم كل شيء”.

في موريتانيا لم يكن تزيين السيارات وما يرافقه ضمن طقوس المناسبات الاجتماعية،غير أن السنوات الأخيرة حملت معها بفعل دورة الزمن عادات جديدة،أصبحت مع مرور الأيام شرطا لا يكتمل بدونه الزواج،وانتعش هذا النشاط مع ظهور الوباء الذي كثرت خلاله الزيجات،الأمر الذي أسهم حسب متابعين في الزيادة الملحوظة لعدد محلات الهدايا وتزيين السيارات،وعن الأمر تتحدث توت وهي من الفتيات العاملات في المجال قائلة:
“لقد كانت بدايتي مع هذا العمل متعثرة جدا،وبفضل دعم العائلة تمكنت من تجاوز ذلك حتى أصبحت اليوم شيئا مذكورا في المجال الذي تزيد نسبة الإقبال عليه بشكل يومي،هذا الإقبال يمكن للمرء ببساطة أن يلاحظه جليا في العاصمة،حيث لا يكاد شارع يخلو من محل أو اثنين من محلات الهدايا،ثم إن بصمات النساء العاملات في هذا المجال حاضرة في مختلف المناسبات وخاصة الاجتماعية”.

إن الإقبال الذي عرفته محلات الهدايا وبشكل خاص خلال كوفيد 19 حسب ريم لم يكن وليد اللحظة،بل أتى بعد الكثير من التبخيس والتنقيص من طرف الكثيرين مضيفة:
“في البداية لم تكن نظرة المجتمع رحيمة،لقد كنا في وجه عقليات ترفض كل ما هو جديد،وتقف بالمرصاد لمن يفكرون خارج السياق التقليدي المتفق عليه،ومع ذلك وبالصبر استطعنا تجاوزنا هذه النظرة،وأصبح هذا المجال قبلة النساء الباحثات عن مصدر رزق”.

لقد بدأت محلات تزيين السيارات وصناعة الهدايا لمختلف المناسبات تنتشر بشكل ملحوظ في العاصمة نواكشوط،ومع كونه مجالا جديدا على مجتمع ظل يحصر عمل المرأة في مجالات محددة،فإن الإقبال عليه يعكس مدى القبول الذي حظي به خلال فترة قصيرة يؤكد مراقبون،وبحسب الباحثين الاجتماعيين فإن الحياة في المدينة كانت وراء تجاوز الكثير من العقليات التي قد توصف بأنها لا تواكب العصر،وفي ذات السياق يضيف الباحث الاجتماعي محمدو أحمد قائلا:
“وجود المرأة في مجالات العمل أمر إيجابي يعكس وعيا بضرورة البحث عن مصادر للدخل،بدل الاتكال والجلوس في المنزل دون فائدة تذكر،وهذا النوع من الأعمال كأنه وجد للمرأة،حيث تجد فرصة لإظهار براعتها وتترك العنان لأناملها لتبدع وتأتي بالجديد والمختلف في كل مرة،وتأثيراتهم من كورونا وما رافقه من إجراءات على الجهات المعنية أن تأخذها بعين الاعتبار،وتمد لهم يد المساعدة والدعم وإن معنويا”.

بعد ظهور كورونا في موريتانيا مارس 2020 توقفت الكثير من الأعمال بفعل الإجراءات الوقائية،وبحسب توت حدث العكس بالنسبة لمحلات صناعة الهدايا،حيث ازداد الطلب رغم ما قد يعترض السبيل من قبيل انعدام الوسائل في الأسواق المحلية،هذه الوسائل التي تتحدث عنها توت بالقول:
“كنا نواجه صعوبة في العثور على الأدوات داخل الأسواق المحلية،الآن أصبحت هذه المواد بأسعار باهظة مقارنة مع الماضي،هذا إذا تم العثور عليها،وهو أمر يتطلب الكثير من الوقت في غالب الأحيان”.

في إطار الاستراتيجية المعتمدة من طرف الحكومة الموريتانية للتخفيف من تبعات كورونا،تم دعم بعض القطاعات التي تأثرت من الجائحة،غير أن توت تؤكد أن هذا المجال كان خارج دائرة الاهتمام،رغم ما يكتسيه من أهمية وما يستقطب من يد عاملة وطنية وتضيف:
“هذا العمل استطاع أن يجذب الكثير من النساء الموريتانيات،حيث لا يتطلب الكثير من العناء،وهو يحتاج لفتة من طرف الجهات المختصة،نظرا لقدرته على توفير الكثير من الفرص للنساء،ومع المزيد من الدعم لا شك سيعرف ازدهارا أكثر و إنتاجا أكثر”.

تعد محلات صناعة الهدايا من أبرز المجالات التي تستقطب النساء في موريتانيا،حيث استطاعت أن تصبح مع الأيام عملا يوفر دخلا ويضمن حياة كريمة،مع أمل العاملات فيه أن يجد نصيبه من الدعم،لقدرته على امتصاص جزء من البطالة داخل الصفوف الشبابية.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى